السبت، 15 ديسمبر 2012

تفكيك الأساطير المؤسسة للانطباع الي الاخوان واخدينه عن نفسهم أنهم بمرسي بحكومتهم ثوريين

تفكيك الأساطير المؤسسة للانطباع الي الاخوان واخدينه عن نفسهم أنهم بمرسي بحكومتهم ثوريين:

حكومة مرسي ليست حكومة ثورية, بل هي منحازة ضد أهداف الثورة منذ يومها الأول. ممكن تعتبرها على حق بس أبوس ايدك التمثيلية بتاعة الثورة في مواجهة الفلول دي لازم تنتهي بسرعة لحسن أنا هاموت من فرط الابتذال. مشكلة الاخوان انهم مسكوا في موضوع القضاء الشاخخ وخلوه هو المطلب الثوري الوحيد. اسمحوا لي طيب أشرح لكم المتناقضات العجيبة في تفسيركم لقرارات الرئيس (أنا بخاطب أصدقائي من الإخوان والإسلاميين والمتعاطفين معاهم أو المتعاطفين مع الرئيس ومع قراراته الأخيرة--أنتوا بالذات عارفين اني مش بتاع مواءمات سياسة ولا ذعر مزمن من الإسلاميين):

- ماينفعش تتكلم عن أركان النظام السابق وأنت متحالف معهم ومتقاسم للسلطة مع أجهزتهم القمعية, القرارات الثورية لم تمس الشرطة أو الجيش أو المخابرات, وهم العدو الأول والأقوي للثورة. راجع بيان وزير الداخلية ليلة الخميس وأنت تعرف أن الترتيبات السياسية التي تم استحداثها قائمة على تحالف مع الأجهزة القمعية الموجودة.
- مش عبد المجيد محمود هو الي عين أحمد جمال الدين وزير داخلية--وهو سفاح برتبة لواء من رجالات العادلي ومدير أمن أسيوط وقت اندلاع الثورة الي سحل مرات المرشد في شوارع أسيوط يوم 26 يناير.
- مش احنا ولا الفلول الي عينوا اللواء محمد زكي قائد وحدة المظلات المسئول عن عدة جرائم ارتكبت في فترة الثورة وأسوءها على الإطلاق مذبحة مجلس الوزرا (دة الي سحل البنت وقتل الشيخ عماد عفت) وعينه رئيسا للحرس الجمهوري.
- مش احنا برضه الي عينا خالد غرابة حكمدار اسكندرية وقت تعذيب سيد بلال حتى الموت وقمع المظاهرين في 28 يناير ودهسهم مساعد لوزير الداخلية.
- مجلس الشعب أبو الأغلبية الاخوانية مش مجلس الحزب الوطني هو الي ماطل في كل ما يتعلق باعادة هيكلة وزارة الداخلية والعدالة الاننقالية, علما بأن أنا شخصيا اشتغلت معاه فترة طويلة على إعداد قانون لتطهير وزارة الداخلية وتعديل قانون هيئة الشرطة, والقانون اتركن على جنب لمدة تلات شهور قضوها تبويس ونفاق في وزير الداخلية انذاك محمد ابراهيم ومساعده جمال الدين وفي الاخر التعديل الوحيد الذي تم تمريره على قانون هيئة الشرطة هو رفع الأجور والحوافز لضباط وأفراد الشرطة.
- الحكومة الحالية بقضاتها "الثوريين" هما برضه الي كل ما كنا بجتمع بيهم للنقاش حول أي آلية لفرملة التعذيب والقتل العشوائي المستمر داخل جهاز الشرطة يعلنون رفضهم الاقتراب من قريب أو بعيد من الشرطة رعم ارتفاع وتيرة قمعها وعنفها عشان "مايهدوش الدولة".
- بعضكم يعرف كويس بحكم عمله أن عدد الناس الي بيموتوا في الأقسام تضاعف في السنة الي فاتت, وعندنا أرقام وأدلة, وعندما كنا نقدمها لمسشارين الرئبس كانوا بيقولولنا انها حالات فردية (نفس رد حكومات المخلوع) أو بيعملوا هولنديين ويتظاهروا بالاندهاش.
- التأسيسية الي قرارات المرسي الثورية حصنتها من الجل هي الي صاغت المواد الخاصة بمجلس الدفاع الوطني ووضعية القوات المسلحة وحماية ميزانيتها من الرقابة البرلمانية (ترسيخ حكم العسكر ودولة الطوائف).
- الجيش الي مرسي متحالف ومتصالح معاه هو الي من أسبوع احتل جزء من جزيرة القرصاية وقتل واحد على الأقل من ولادها وهو بيضرب عليهم نار وهما بيهربوا في المياة لانه جيش تعود لواءاته على سرقة مال النبي. وبالمناسبة يومها لما زميلة لينا اتصلت بنائب الرئيس محمود مكي (الثوري المستقل) ليتدخل مكانش عارف حاجة, ولما قلنا له عن بيان المتحدث الرسمي باسم قوات الاحتلال المحلية والذي أعلنت فيه أحقية استيلائها على الأرض بدعوى انها محور ارتكاز (زي حسني عبد ربه كدة), قال لنا ايه دة هو قال كدة بجد؟ ولم يحدث أي تدخل طبعا والجيش سرق الأرض وبيحاكم الناس الي معرفش يقتلهم عسكريا.
- وعلى سيرة المكاوية الثوريين, أحمد مكي وزير العدل وهو له دور رئيسي في كل محاولات خلق سلطوية جديدة محصنة بالتشريع, من ساعة ما مسك منصبه, حاول يدفع بقانون الطوارئ مجددا وهو الي هيطلع منه قوانين تعطي للشرطة صلاحيات قمعية واسعة في الأسابيع القادمة. وهو منحاز انحياز شديد الي جهاز الشرطة الإجرامي (ولما كنا بنحاول نرتب لمؤتمر أكاديمي عن اصلاح منظومة العدالة الجنائية بمشاركة وزارة العدل رفض استخدام كلمة إصلاح حتى مش تطهير وطلب مننا أن " نطهر أنفسنا من كراهية الشرطة" (الكلام دة قاله بالحرف الواحد). 

الأمثلة كتير الحقيقة وممكن أقعد تلات ساعات أعدد فيها من واقع احتكاكي المباشر بالأشكال دي ومن واقع المعايشة اليومية الي أي بهيم حاسه. بلاش نضحك على بعض بأوهام الانحياز للثورة. قرارات الرئبس المتعلقة باعادة المحاكمات خاوية من أي مضمون - النيابة وجهاز الشرطة بينهم علاقة تكافلية مستمرة حتى الآن والنيابة تعتمد في تجقيقاتها على تحريات الشرطة سواء في جرائم قتل المتظاهرين أو في حالات القتل والتعذيب المستمرة من قبل جهاز الشرطة الي طبعا عمره ما هيدين نفسه, والوضع دة مش هيتغير. قانون حماية مكتسبات يحمل ضمنيا تحصين لطنطاوي والمجلس العسكري فهو لا يتحدث الا عن النظام السابق.

بديهي قوي أني أقول للمدافعين ما تتكلمش عن الثورة لو سمحت وأنت متصالح ومتسامح ومتعاون ومتحالف مع أسوأ اعداء الثورة على الاطلاق, ماتعايرش الي قاعدين مع أمثال الزند وعمرو موسى على سقطتهم الأخلاقية وأنت نازل تبويس في طنطاوي وأحمد جمال الدين الساحل_بأمر_العادلي في الرايحة والجاية. لا تختزل النظام السابق في عبد المجيد محمود--ماتبقاش زي المجلس العسكري الي كان فاكر ان الثورة قامت ضد زهير جرانة وبس على رأي الصديق أسامة دياب. الثورة دائما على حق ودائما في الشارع والشارع ملك للجميع, أما السياسيون فهم أحيانا مع الجق وأحيانا ضده حسب المواءمات التي يتطلبها الظرف والي عايز يركب على الثورة دلوقتي وهو منتمي الى النظام السابق مايفرقش عن أمثال محمود غزلان الي ركبوا على الثورة وهم يسبونها سرا وأحيانا جهارا, القاسم المشترك بين من في الحكم والمعارضين المتلونين هو ان الاتنين دولاتيين الي أقصى الحدود ولا يلجأون الى الثورة الا لما ما يلاقوش غيرها أنما في جميع الحالات هما مع الدولة القمعية وهيرجعولها لما زي ما الاخوان رجعوا لأحضانها برضه..

أيد براحتك لو أنت شايف أن الإعلان والقرارات التي تبعته في مصلحتك أو حتى لو أنت مقتنع أنه في مصلحة الوطن بس أرجوك كفاية مرمطة في الثورة. الرئيس لم ينحاز للثورة ولا للعدالة الاجتماعية ولم يحاول الاصطدام بالأجهزة الأمنية والقمعية مرة واحدة عشان اقتنع ان تحصينه لقراراته هو حماية للثورة. وبعدنا هو احنا لسة هنعلم الناس ان السلطة مطلقة مفسدة مطلقة؟ هما الاخوان مش ناويين يتعلموا من درس 54 أبدا؟ الي المفروض انهم أكثر من عانى منه؟

على رأي علاء عبد الفتاخ - احنا اسفين يا بديهيات..

الأحد، 14 أكتوبر 2012

عن العفو الرئاسي والعدالة الاجتماعية التي لم تتحقق إلا يوم 28 يناير


مستشار الرئيس محمد فؤاد جاد الله بيقول إن العفو الرئاسي يشمل ما يقرب من 2500 شخص, ويشمل كل من ارتكب جناية أو جنحة أو شرع في ارتكابها وكان الهدف منها مناصرة الثورة أو تحقيق أهدافها, ويعد باسقاط قضايا محمود محمود ومجلس الوزراء والعباسية. العفو على أساس مناصرة الثورة وإسقاط القضايا دي خطوة مهمة وإيجابية وفيها اعتراف بالشرعية الثورية التي لا يمكن أن تظل حبيسة القوانين التي قامت الثورة عليها--القضايا دي كانت أكبر تمثيل لتناقض الخطاب الحكومي الي بيعترف أحيانا تحت ضغط بشرعية الثورة وبرضه بيحاكم الي بيحدفوا طوب على الشرطة..


لكن يظل العفو الرئاسي ناقصا. المستفيد منه هم الثوار, ولهذا السبب القرار سيلاقي ترحيب من قطاعات واسعة ومن الثوار أنفسهم طبعا, لكن الثوار مش هما لوحدهم الي عانوا من ظلم وبطش وعشوائية القضاء العسكري في الـ18 شهر. يستثني من القرار من حوكم بتهم "السرقة بالاكراه" و"القتل" "وترويع الآمنين". للعلم المتظاهرين لما كانوا بيُعتقلوا كان في رزمة تهم كدة جاهزة للتلفيق ليهم--منها أحيانا حيازة مفرقعات وأسلحة, والرئاسة معترفة ضمنيا في إصدارها العفو أن المتظاهرين كان يتم توجيه اتهامات لهم مختلقة تماما. بنفس المنطق كان القضاء العسكري بيتعامل مع الناس في الشارع, بعيدا عن السياسة. أطفال كتير اتحاكموا, وقبض عشوائي لناس وحرمان من حقهم في حضور محامي. الناس كان بيتفلق لها تهم أكثرها شيوعا هي ترويع الآمنين, يا إما عشان خنافة في الشارع, أو ممكن يكون الشخص حرامي فعلا واتلفق له تهمتين تلاتة فوقيهم احتياطي, أو لارتكاب مخالفات إدارية, أو عشان واجد اتخانق مع ظابط جيش او حك باب عربيته--القضاء العسكري شديد الانحطاط, وضباط الجيش كان عندهم حالة استمناء سلطوي غير مسبوقة...



يوم 3 فبراير لما اعتقلت من الجيش لمدة يوم كانت بداية إدراكي للدور الي الجيش كان بيلعبه في الثورة. قعدت معتقل معاهم يوم واحد اتقبض فيه على كمية بشر مش طبيعية. أغلبهم كانوا ناس شكلهم غلبان أو "غلط"..وجريمتهم كانت التواجد في المكان الغلط في الوقت الغلط. يا إما ناس مش فارق معاها إن في ثورة وحظر تجول ورايخين شغلهم, يا اما الفضول دفعهم للتواجد في أماكن غير مسموج لأمثالهم بالتواجد فيها مستغلين الظرف الثوري, والي منهم كان بيشحت أو حتى بيسرق..ومنهم ناس كانت رايحة التحرير--الضباط كانوا رابطين واحد جنبي كبير في السن وشكله غلبان. سألوه "وأنت كنت رايح فين؟" فال لهم أنا رايح التحرير أجيب حقي, قعدوا يتسلوا عليه نص ساعة "أنت فاكر نفسك من شباب الثورة أنت كمان؟"..تعريف الثورة على أنها "ثورة شباب" فتح الباب لظلم وقمع ناس كتير..تاني يوم إتكومنا في ميكروباص كلنا وعيوننا متعصبة وخدونا الي وجهة لم نعلمها. في منتصف الطريق أطلق سراحي أنا وزملائي "عشان احنا متعلمين وولاد ناس" على حد قول ضابط المخابرات الحربية. معرفش الناس التانية حصل لهم ايه, أغلب الظن انهم ما زالوا في سجون العسكر...أنا بشعر بذنب وعجز شديد لما أفتكر الناس دي--العدل الحق هو اطلاق سراح أي حد اتحاكم عسكريا في السنتين لان دي مش مجاكمات اصلأ, أيا كانت التهم. 



القرار اذا أنصف الثوار لكن مافيش نظام سياسي مالوش مظاليم, مهما كان مستوى المشاركة السياسية الي بيسمح بيه. لا بد من وجود مهمشين, بلا صوت أو وزن سياسي, وبلا منفذ الى الآليات الي تسمح لهم بالشكوى من الظلم الواقع عليهم. فيتعايشون مع الظلم, حتى تتيح لهم الفرصة التاريخية النادرة أن يحصلوا على ما لم يستطيعوا انتزاعه أبدا عن طريق القنوات الرسمية--التعبير عن رفضهم لواقعهم, زي يوم 28 يناير. 



يوم 28 يناير هو اليوم الوحيد الي تحقق فيه العدل. شعار العدالة الاجتماعية دة الي تم تفريغه من كل مضمون--لم يتحقق إلا ما بين عصر 28 يناير وغروب الشمس يوم 29 يناير. كل ما حدث بعد ذلك هو محاولة لإحتواء آثار هذا اليوم...الثورة دخلت الطور "العلق" والمطالب أصبحت مطالب سياسية تقليدية "إسقاط رئيس ودستور جديد", المساواة الحقة مطلب يصعب صياغته بوضوح--ولهذا السبب يدخل في طور التنفيذ وش كدة في لحظات الثورة, وبسبب كلفته العالية بالنسبة لمن يملكون وزنا سياسيا, فالتنفيذ لا يمكن أن يستمر أكثر من يوم أو أسبوع...



عشان كدة أنا بحلم بتكرار 28 يناير. مش عشان أنا فوضوي أو معادي للديمقراطية, لأن دة اليوم الوحيد الي كان في مساواة وعدل حقيقيين--ونفرج عن الي هيفضلوا محبوسين..

الأحد، 9 سبتمبر 2012

باتمان النهضة..

ما زال طائر النهضة يحلق فوق سماء البلاد, يسهر عليها ليحميها من الخارجين عن الشرعية, ينتظر الفرصة للانقضاض (زي باتمان بالظبط) على اللصوص وقطاع الطرق والباعة الجائلين والسريحة وسكان العشوائيات والمحرومين من الخدمات العامة الذين يسرقون الكهرباء والمياة ويزحفون زحفهم الفوضوي على الجيتو العمراني الذي يسكن فيه المواطنين الحقيقيين.

طائر النهضة يعمل جاهدا لتنفيذ مشروع النهضة--لا أعني مشروع النهضة الاخواني وانما المشروع السياسي السائد في العالم كله. الطبقة الحاكمة في مصر تسير على خطى سابقتها: تريد أن تنهض بمصر (مصر الكيان التجريدي) . فكر النهضة له أولوياته, يريد لنا ان نصبح في مقدمة الدول من حيث معدلات التمو الاقتصادي والريادة الرياضية والقوة العسكرية. ومشروع النهضة السريعة أمامه الكثير من المعوقات--أهم هذه المعوقات سكان مصر الذين يطالبون بحقوق تستنفذ موارد الدولة. فاذا اعطينا الأولوية للتعليم وللسكن ولتوفير الرعاية الصحية للأغلبية المهمشة والتي لا تستطيع ان تساهم اسهاما سريعا في مشروع النهضة لن تقوم لنا نهضة.

عدد قليل من الناس يستطيع الاستفادة من مشروع النهضة, الفئة الحاصلة على قسط من التعليم وتتحدث أكثر من لغة وتملك القدرة على تطوير الذات والاستزادة من التعليم والتوظيف في مجالات الاتصالات والتطوير العقاري الخ الخ. أما الاغلبية فلا تجد سبيل للارتقاء بمستواها المعيشي الا عن طريق العمل غير الرسمي. نريد لهم أن يعملوا رجال أمن في القرية الذكية وفي المنشآت السياحية, ويريدون ان يتاجروا في بضاعتهم التي تلقى رواجا في وسط البلد فتزيد من دخلهم وتمنح لهم قدر من الحرية والتحكم في أسلوب حياتهم. ولكن هذا لا يتناسب مع مشروع النهضة..

لا نستطيع تمكين هذه الجحافل من البشر بالايقاع الذي يتناسب مع طموحاتهم. الطموح ترف لا يكلمه الجميع, على هؤلاء أن يرضوا بقليلهم أو أن يودعوا في البوكس--فنهضتنا تحتاج الى السوبرمان النيتشاوي (كما فهمه الفاشيون بقراءتهم الانتقائية), وتحتاج إليه حالا, المواطن غير المتعلم والمعاق والمصاب بالأنيميا لن يستطيع تلبية احتياجات النهضة بالسرعة المطلوبة.

يبقى ييجي يمين أو شمال شوية كدة عشان ورانا شغل..أنا شفت طائر النهضة دة فين قبل كدة يا ربي؟





الجمعة، 1 يونيو 2012

حاسس لتاني مرة إني واقف قدام صينية كنافة محشية طرشي..


تحذير اذا وجدت أن المقدمات في هذه النوت لا تؤدي بالضرورة الى الاستنتاجات الي هوصلها في الاخر فلا تلومني فهذا ليس ذنبي وإنما ذنب الزمن الذي نعيشه وهو زمن كما تعلمون يشرب فيه السمك القهوة ويلعب فيه الفيل الطاولة زي ما قال الشاعر المجهول.

1-  هناك نقطة اساسية يجب ان يبدأ النقاش منها وأرجو من اصدقائي من شباب\مؤيدي الاخوان محاولة التعاطي بجدية مع هذه الفكرة : الثورة قامت ضد كل اشكال الاستبداد وغياب العدالة, هي ليست ثورة ضد الحزب الوطني و أذنابه وزبالته وبقاياه فقط كما حاول العسكر ان يصوروا لنا من قبل وكما يحاول البعض ان يصور لنا الان. وهناك اسباب موضوعية أدت الى انفصال الاخوان عن المعسكر الثوري في الوعي الجمعي وسأتناولها لاحقا.
2– نقطة اخرى يجب توضيحها للزملاء المصرين على أنه لا مفر من ثنائية "العسكر – الاخوان" . اولا هذه ثنائية مزيفة فهي تتجاهل العديد من البدائل المتاحة (زي الثورة كدة) واذا كان هذا الاختيار يعني الفوضى فأهلا بالفوضى كما قالت لنا كنودوليزا رايس في اجتماع سري. وبالنسبة للإخوة الذين يقولون ان المقاطعة فعل سلبي : كلامك فيه شئ من الصحة لو أنت مؤمن ان الانتخابات هي الالية الوحيدة المتوفرة للتغيير , اما انا اصلا مش مؤمن بالديمقراطية الليبرالية\النيابية واهتمامي الأكبر هو بالتنظيم والتكتل المجتمعي على المستوى القاعدي و بتجذير المجال السياسي الناشئ خارج اطار مؤسسات الدولة لان هذه التنظيمات هي القادرة على انتزاع الحقوق من المؤسسات السياسية (منتخبة او مش منتخبة). ومشاركتي في الجولة الأولى من الانتخابات كانت مشاركة انتهازية بحتة وجاءت بعد تردد طويل أصلا ولم يتحقق الهدف الذي كنت اسعى إليه منها ولكنها كما قلنا كانت مجرد مشاركة تكتيكية.
3-  نقطة ثالثة يجب توضيحها : لا وجه للمقارنة بين شفيق ومرسي, شفيق مجرم وحرامي ويجب ان يحاكم أو ان يُسحل من القاهرة الى الفيوم.
4-  بالرغم من هذا فالتاريخ هو عامل واحد فقط في القرار اذا قررنا نحن الساخطون المشاركة. السؤال الذي لا نستطيع تجاهله هو: هل توجد مؤشرات حقيقية على سلطوية الاخوان التي تجعلنا مناهضين لهم حتى ولو اصبحوا اخر من يقف في مواجهة العسكر (لو افترضنا جدلا ان الانتخابات هي اخر المواجهات مع العسكر وهو فرض خاطئ في الأساس)؟
5-  مبدئيا برضه انا لا اعاني من الاسلاموفوبيا رغم اختلافي مع التيار الاسلامي في كل حاجة تقريبا فتوقفوا عن اتهامي بالتأثر بما ينشره الاعلام "المضلل", وقد قمت بانتخاب ابو الفتوح سابقا وبفكر اساسا أصوت لمرسي نكاية في الطبقى الوسطي المصرية المذعورة والي تخشى من القفز في المجهول , ودة هيبقى تصويت انتقامي بمنطق "كرسي في الكلوب" (أو مرسي في الكلوب—ااااو) مش اكتر.
6- الاخوان مشروع سلطوي استبدادي واحتكاري , وأكثرهم سلطوية هو خيرت الشاطر الذي ينتمي الى مدرسة الرأسمالية الوحشية لكن بدقن وبدون فساد ومع ازدياد موازي للنشاطات الخيرية وهو مع احترامي للأصدقاء الي بيحبوا الشاطر فكر مضاد للثورة التي قامت من أجل ان يعود المهمشون الى المجتمع وليس من أجل تقنين هذه الثنائية الاجتماعية "أغنياء – فقراء يقتاتون على عطف الأغنياء".
7-  أما عن السلطوية فأنا لا أتحدث من فراغ : مشروع  قانون الحريات النقابية المكتسب الرئيسي للثورة أجاروا عليه بمشروعهم الذي يفرغه تماما من اي مضمون ويحول النقابات الى نوادي ومراكز خدمية. تعديل قانون القضاء العسكري تم تمريره بضغط من ممدوح شاهين في برلمان يسيطرون عليه وهو تعديل يرسخ للمحاكمات العسكرية للمدنيين العدو الرئيسي للثورة. اما عن استعدادهم لتقاسم السلطة مع العسكر وفشخ الشعب وخيانة الثورة فهناك الكثير من الأمثلة عليه.
8- أبسط مثال هو بكاء أكرم الشاعر كبير الافاقين بكاءً مصطنعاً على شهداء الثورة في الجلسة الاولى للبرلمان ثم خروجه علينا ليدافع عن رجال الشرطة البواسل اثناء مواجهات شارع منصور ويبرئهم ويجرم الثوار وموقف الكتاتني الذي قرر إعفاء وزير الداخلية من المسئولية وانحاز الى روايته البلهاء (مافيش خرطوش والخرطوش كان بيخرم حيطان مجلس الشعب وهما بيتناقشوا اساسا) في نقس الوقت الذي كانت ترقد فيه واحدة من صديقاتنا في المستشفى وجسمها عامل زي المصفاة من الخرطوش ودي مجرد أمثلة بسيطة—احساسنا بالغدر مش جاي من تخاريف ابراهيم عيسى يعني.'
9-الثورة لديها خيار ثالث على كل حال والانتخابات لم تكن يوما ولن تكون ابدا نهاية المطاف. ورغم احتقاري للمؤسسات السياسية الرسمية إلا أن المعسكر الثوري يملك خيار سياسي يكمن في استغلال النجاح الجزئي في الانتخابت من أجل بناء قواعد سياسية مستدامة لليسار (الذي يعتبر مرادفا للثورة أو للتغيير الثوري بالمناسبة للناس الي مش فاهمة) وهو ما يرى البعض انه يتطلب الانفصال عن الفرز السياسي الحالي الذي نتج عن الانتخابات
10- اما بالنسبة للاقتراح المطروح من البعض لتشكيل جبهة في مواجهة النظام بناء على وثيقة التفاهم فاقترح على اصدقائي من التيار الاسلامي التوقف عن التفكير بمنطق عقدة الاضطهاد والولولة ودراسة الاقتراح بجدية.
11- لو حد قال لي "ضمانات ايه واحنا بنغرق" هالطشه قلم عشان يبطل هلع واقول له احنا مش بنغرق ركز واقرا الي فوق تاني.
12– رغم كل هذا ورغم ان موقفي الشخصي حتى الان يميل الى المقاطعة فهناك أسباب قليلة تجلعني افكر أحيانا في التوصيت لمرسي. أولها هو الحديث الذي أدلى به الفشيق للغرفة التجارية الأمريكية. وثانيها شكلي بحت (هنبقى أضحوكة العالم لو ابن الجزمة الي امه متوحمة على شريط ترامادول دة بقى اسمه رئيس جمهورية). وثالثها أنني بدأت اؤمن فعلا ان وصول الفريق ترامادول للرئاسة سيكون له تأثير سلبي جدا على الثورة السورية وتأثير ايجابي على معنويات الأنظمة العربية.
13-ولما بفكر في الاختيار دة بافتكر طبعا جملة اللمبي الخالدة "حاسس اني واقف قدام صينية كنافة محشية طرشي"...
14-غير كدة وكدة عندي احساس ان العملية اجرائيا حتى تمثيلية وأن العسكر حسم أمره من زمان بأنه يسلم السلطة الا لنفسه..


السبت، 26 مايو 2012

نهاية الحضارة وفناء الإنسان: مابعد نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية


محاولة لنقد الذات والتحليل الموضوعي بعد ما الواحد نام له شوية, علما بأنني مازالت على موقفي المٌحتقر للانتخابات والديمقراطية الليبرالية والمشارك فيها لاعتبارات تكتيكية وقتية:

1- أخطئنا في تقدير فرص صباحي في كسب تأييد قطاعات كبيرة من الشعب خارج دوائر التأثير المباشرة لأنصاره الي انا من الناس الي توقعت انها هتكون محدودة جدا. 


2- في نفس الوقت إنكار ان صعود حمدين بقوة في الاسابيع الاخيرة وحالة الاستقطاب الي كانت واقعة ما بين حمدين وابو الفتوح تسببت في تفتيت الاصوات هو إنكار للواقع (لو سلمنا بان الفروق بين الاتنين فروق ضئيلة في الحقيقة وان معيار الاختيار الوحيد كان يجب أن يكون قرب المرشح من الثورة وقدرته على خوض معركة تقويض الدولة الأمنية) - حمدين نجح في كسب أصوات كثيرة من الجمهور الواسع المؤمن بالتغيير والذي لا يُعرف نفسه بالضروة على انه من جمهور الثورة, لكن دة لا يمنع انه في نهاية الأمر اخد اصوات كتير من ابو الفتوح ومش قادر افهم الناس الي بتقاوح في الموضوع دة مع ان اصدقائي الي رافضين الاعتراف بالنقطة دي كلهم تقريبا بلا استثناء كانوا ناويين يصوتوا لابو الفتوح من شهر بالظبط وكلهم قلبوا حمدين في الاخر. من حقك تماما ان تعطي صوتك للمرشح الذي تعتبره أقرب الى فكرك ان وجد وليس عليك حرج في تغيير قرارك التوصيتي في الاسابيع او حتى اللحظات الاخيرة بس نفهم وتعترف بان في كتلة تصويتية لها وزن ثقيل نسبيا تقاسمها ابو الفتوح وحمدين هذا هو المقصود بالتفتيت--علما بان ابو الفتوح كان بادي من موقف متقدم جدا.


3- الحملتين (ابو الفتوح وصباحي) تعاملوا مع بعض على أساس قواعد التنافسية السياسية , لكن انا ملاحظ برضه ان في جنوح رومانسي عند الكثير من مؤيدي صباحي ومن اعضاء حملته الي شايفين ان حملته كانت تجسيد حي للمثالية الثورية على عكس حملة ابو الفتوح الانتهازية. حملة حمدين مارست تكسير العظام مع ابو الفتوح بكل ما اوتت من قوة واستغلت الاستقطاب الايديولوجي والهلع من "الإخوانجي الكامن بداخله" لصالحها وروجت له (وما كانت لتحقق الصعود المتسارع دة لولاه), وحملة ابو الفتوح ايضا استخدمت اساليب تكسير العظام فبلاش الأوهام دي الله لا يسيئكوا.



4- انا مقتنع تماما ان التفتيت خسرنا الانتخابات لكن في نهاية الأمر 40% من الشعب المصري صوت للمرشحين الأقرب للثورة و في المجمل 65% صوتوا ضد النظام السابق ودي مؤشرات ايجابية على وجود كتلة شعبية قلقة تمثل الأكثرية ولن ترضى بالخرا الذي سيترتب على انتخاب مرسي او الفشيخ.



5- مقتنع أيضا أن نجاح مرسي هو السيناريو الاكثر إيجابية ونسيب الاخوان يخوضوا معركة تكسير عظام مع المجلس العسكري والدولة العميقة وفي نهاية الامر احنا المستفيدين من الوضع دة ونستطيع استغلاله في تثبيت اقدامنا سياسيا وخلق قواعد انتخابية مستدامة للثورة أو لليسار في الشارع, الاخوان لن ينجحوا في اختراق اجهزة الدولة بسهولة اما صعود شفيق فهو يعني عودة الدولة الأمنية الى الصفوف الأمامية للحكم وكأن شيئأ لم يكن.



6- دة لا يعني اني هاصوت للاخوان لانهم طبعا تنظيم استبدادي ديكتاتوري ودة شئ واضح جدا من افعالهم وخطابهم كجماعة وكحزب وكافراد في الفترة الانتقالية.



7- وبغض النظر عن الاعتبارات السياسية والعملية, التصويت للفشيخ هو اختيار غير اخلاقي ومعناه بالنسبة لي موت الانسانية ونهاية الحضارة.



8- صدقتوني لما قلتلكم الاغتيالات السياسية هي الحل؟

الأربعاء، 22 فبراير 2012

الثورة لا تفنى ولا تستحدث من عدم: تصحيح للمفاهيم


كتبت التدوينة دي عشان كلمة "مزايدة" و "تعالي"  بقوا أسهل حاجة على لسان أي واحد مش عاجبه كلامنا, و بالذات عشان  عمرو الشوبكي ومن هم على شاكلته من الأكاديميين المتخصصين في إصدار الأحكام بالجملة من وراء دخان الغلايين والمتفرغين للبكاء والعويل على الثورة التي تخلت عن أخلاق المائدة. لقد أصبحنا ذات يومٍ على قطاع كبير من المحللين والمفكرين من أصحاب التوجهات الشعبوية والذين يُخضعون تحليلاتهم وكتاباتهم ومعاييرهم الأخلاقية لقواعد السوق التنافسية تماما مثل أفلام السبكي. ومن المحتمل أنهم يصدرون تلك الأحكام والتحليلات بحسن نية, ولعل سبب اشمئزازهم من الثورة وتصرفات الثوار والذي يدفعهم إلى تقسيم الناس إلى ثوار حقيقيون وبلطجية يكمن في اختلاط بعض المفاهيم عندهم, هذا الاختلاط الذي نتج عن خطاب سياسي نجح على مدار سنة كاملة في إعادة توصيف الثورة حتى ترسخ في أذهان الناس مفهوم جديد للثورة يصورها على أنها حديقة حيوان يسمح فيها "للثوار" بممارسة نشاطهم في أماكن مغلقة وفي أوقات محددة للزيارة بطريقة تضمن حق المتفرجين في الاستمتاع والانبهار بما يفعله الثوار وبدون تعريض حياتهم أو مصالحهم للخطر. وفي هذه المقالة محاولة مني لتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة, ولتوضيح الفرق بين الثورة والإصلاح السياسي.

مبدئيا...

كلمة "ثورة" في حد ذاتها تحمل أكثر من معني, وفيما يتعلق بسياق الحديث فتعريف المعجم الوسيط الضيق للمعني هو "ثَوَرَاناً، وثَوْراً، وثَوْرَةً: هَاجَ وانتَشَر - ثار به الشَّرُّ والغَضَبُ" أما المعنى الأوسع وهو المعني المستخدم  في العلوم السياسية فتعريفه طبقا للمعجم الوسيط "" تغيير أساسي في الأوضاع السياسية والاجتماعية يقوم به الشعب في دولة مّا". بمعنى آخر, المفهوم الأوسع للثورة هو التغيير السياسي والاجتماعي الذي يحدث نتيجة "للفعل الثوري" (بالمعنى الضيق للكلمة). يبدو لي أن اهتمام الباحثين في العلوم السياسية عادة ما يقتصر على المعني الأوسع للكلمة عند التصدي لمهمة التحليل التاريخي لحالات الحراك الشعبي والسياسي: وعادة ما يجمع التحليل ذو الأثر الرجعي بين الحركات السياسية والاحتجاجية المنظمة وبين الحراك الشعبي الذي يتسم بالعفوية في قالب واحد. قد تتقاطع أهداف الفئتين في بعض لحظات الحراك وقد تصطدم ببعض في لحظات أخري ولكن في نهاية الأمر يبدو أن المحصل النهائي لأغلب الثورات هو أنه إما أن تنتصر الثورة فتحصل الحركات السياسية المنظمة المشاركة في الثورة على كل أو على جزء من السلطة وتفرض أجندتها السياسية والإجتماعية, تلك الأجندة التي تتطور مع مرور الوقت فتتحول في الكثير من الحالات إلى نظام سلطوي بشكل آخر ينتج حالة مجددة من السخط ومن الصراع الاجتماعي, فيضطر إصلاحيو الأمس للاصطدام بالقوى الشعبية لأنهم صاروا في موقع من يضطلع بالحفاظ على النظام. والاحتمال الآخر هو أن تنتصر القوى المتحكمة (النظام الحاكم أو أتباعه ومؤيديه أو ما تبقى منه أو أحد أذرعه الناجية من الموجة الثورية) فتعيد فرض أجندتها التي كانت قائمة. وفي كلا الحالتين تخرج الطبقات المسحوقة خاسرة من المعادلة (مع تحسن أو تدهور نسبي في أحوالها المعيشية) لأن الدولة الحديثة في نهاية الأمر بالرغم من كل محاولات الإصلاح وتوسيع المشاركة السياسية تقوم على احتكار السلطة والثروة لجزء من المجتمع (جزء يتمدد وينكمش أحيانا), ولهذا يظل الجزء المتبقى أو المهمش (كبر او صغر حجمه) في حالة تمرد شبه دائم وان كان متقطعأ ويصل الى ذروته في حالة الثورة . وبطبيعة الحال لا ترضي هذه الحالة من الثورة الدائمة السياسيين على اختلاف توجهاتهم—ديمقراطين كانوا أم سلطويين.

من الذي يؤرخ للثورة؟ السردية المفقودة

قلنا أن ذروة الزخم الاجتماعي تتقاطع فيها أهداف الثورة "الشعبية" الغريزية مع أهداف ووسائل الحركات الاحتجاجية السياسية, ولكن نجاح الثورة عادة ما يترجم الى نجاح لتلك الحركات, والفائز في جميع الحالات هو من يكتب التاريخ  ويؤرخ للأحداث, وقد نجد أكثر من سردية تعكس وجهات النظر المختلفة عن تطور الأحداث و لكن الأكثرية ممن أسهموا بالفعل الثوري فلا صوت لهم—يعملون في صمت ولا يملكون الاليات التى توصل وجهة نظرهم للعالم الخارجي من إعلام  وأحزاب وكتبة ومدونون, لذا فالتحليل ذو الأثر الرجعى قد يكون منصف أو مجحف لهم بناء على الظرف السياسي الذي نتج عن تحركهم الثوري وبناء على تصرفات الحركات السياسية التي تتفاعل مع هذا الظرف السياسي.

فعلى سبيل المثال فلنتناول ثورة 25 يناير: نجحت الحركة الاحتجاجية السياسية المنظمة في حشد أعداد كبيرة من الناس للتظاهر بميدان التحرير يوم 25 يناير, وبعد تفريق المظاهرة بدأ الفعل الثوري "الحقيقي" والذي اتسم بعفوية شديدة ولم يأتي تلبيا لنداء من حركة او من حزب, واستمر لعدة أيام ووصل لذروته يوم 28 يناير. وما حدث في هذا اليوم هو أن التحركات المنظمة والمتمثلة في المظاهرات السلمية المتوجهة لميدان التحرير تقاطعت مع التحركات العفوية الشعبية التي خرجت من كل فج عميق وتوجهت إلى أقرب مركز للسلطة—السلطة التي عادة ما يختزلها المواطن العادي في الشرطة—وتعدوا عليها وهو ما أدى في نهاية الأمر إلى احتراق ما يقدر بـ119 قسم شرطة بصورة كلية و جزئيه (في أحد التقديرات الرسمية) وعدد أقل من أبنية أجهزة الدولة الأخرى (محكمة الجلاء, بعض مقرات الحزب الوطني الخ). ولولا هذا التحرك الشعبي العفوي الأقرب للثورة, ما نجحت الحركات السياسية الاحتجاجية في طرح أجندتها السياسية على طاولة المفاوضات (ولو بصورة مؤقتة قبل أن ينجح النظام في إعادة تنظيم صفوفه وفرض أجندته السياسية مرة أخرى بالتحايل وبالقوة). ولكن من الذي أرخ لهذه الأحداث؟ الحركات السياسية المنتمية إلى الطبقة الوسطى أقرَّت في سردها للأحداث ان الثورة هي حركة شعبية موحدة على هدف واحد وتتبع تكتيك واحد وهو التظاهر السلمي في ميدان التحرير, وتعترف ببطولة من استشهدوا خارج الأقسام ولكنها اعتبرتهم متظاهرين سلميين تعرضوا لاعتداء خارج الأقسام فردوا دفاعا عن النفس فقط, وهذا السرد فيه شيء من الحقيقة والكثير من الوهم.

أما النظام الذي ترنح ولم يسقط فله رواية أخرى يرى فيه ان كل من استشهدوا خارج الأقسام هم من البلطجية و مسجلي الخطر الذين حاولوا استغلال حالة الاختلال الأمني الذي سببته المظاهرات لكي يسطوا على مخازن الأسلحة ويحرروا اخوانهم البلطجية, ولا علاقة لهم بحق أو بمطالب ولا هم أصحاب حقوق مسلوبة, ويتجاهل تاريخ قهر السلطة لهذه الجموع الشعبية التي تتكون أغلبها من الطبقات الفقيرة التي عانت لعقود طويلة من السلطة بشكل عام ومن طبقية ذراعها الأمني تحديدا. أما عن هذا السرد فكله افتراء ولا يقترب حتى من الحقيقة. ولكن الأهم من هذا وذاك هو أن القوى الثورية الحقيقية الغير منظمة لم تطرح سردها للأحداث ولعله لا يعنيها من الأساس. وبدأت عملية تزييف التاريخ عندما اتفق السردين السابق ذكرهما على أن الثورة بدأت يوم 25 يناير مع أن ما حدث يوم 25 يناير لم يكن فعلا ثوريا وإن ساهم في إطلاق شرارة الفعل الثوري الذي لحق.

النسخة المُنقَّحة من ثورة 1919

يستشهد إصلاحيو هذه الأيام (عمرو الشوبكي ومن هم على شاكلته) بأمثلة تاريخية لا يعرفون عنها إلا القشور.ولنتناول ثورة 1919 مثلا: يعتقد أغلب المصريون أن ثورة 1919 لم تكن إلا تراكم من الاحتجاجات والمظاهرات السلمية المنظمة من الوفديين والكتل الشعبية المؤيدة لهم التي ساعدت على اجبار المستعمر البريطاني على التفاوض والتنازل, وهو ما وصل لنا عنها في النسخة الرسمية من الأحداث التي قامت السلطة بارضاعها لنا منذ الصغر في الكتب المدرسية والمسلسلات التلفزيونية. والحقيقة أن ثورة 1919 قتل فيها ما يقرب من 3000 شخص وحرق فيها الكثير من القرى  ودُمِرت فيها المنشآت العامة والخاصة وقطعت الطرق والسكك الحديدية وتعرضت البنية التحتية فيها لتدمير منظم (فقام عمال السكك الحديدية بإتلاف محولات حركة القطارات على سبيل المثال), وهاجم الاهالي أقسام الشرطة وأطلقوا سراح المساجين كما تعرضت المنشآت البريطانية تحديدا لكثير من العنف الموجه خاصة في الصعيد وفي الريف واتسمت الثورة في بعض مراحلها بالعنف الشديد وتعرض الكثير من الأجانب (المدنيين المقيمين بمصر) لعنف في الشوارع وكذا موظفين الدولة من المصريين, ولم تفرق الثورة حينذاك بين رجل الدولة المصري والبريطاني فكلاهما كان خادما للظلم وللاستعمار وكلاهما كان ممثلا للسلطة.

لا أفهم لماذا يندهش البعض من الشعب الذي يدمر المنشآت العامة عندما يشعر انها لم تعد ملكه ولم تعد تخدمه, فالفطرة السليمة تدفع الإنسان في لحظات الذروة الثورية في اتجاه مهاجمة كل ما هو يرمز للسلطة القمعية, ولا يفكر حينها أن "الحاجات دي من فلوسنا وبتاعتنا" لأنها على ارض الواقع ليست كذلك. الدولة بأفرادها وقوانينها ومبانيها ليست من المقدسات ولا المنزلات, وعندما تتحول هذه الكيانات إلى سيف مسلط على رقاب الناس تسقط تلك المفاهيم التجريدية ولا يتمسك بها او بأجزاء منها إلا من كان يملك شيئا يخشى عليه, او  بمعنى اخر من يملك مصلحة بصورة مباشرة او غير مباشرة في بقاء الوضع على ما هو عليه أو في تجنب الصدام المباشر.

الي عمرو الشوبكي وكل من يحلمون بثورة تستطيع ان تحقق المعادلة المستحيلة بإسقاط النظام مع الحفاظ على آداب المائدة والسيولة المرورية في الشوارع: ان فهمكم للثورة  شديد السذاجة والتسطيح. الثورة لا يمكن أن تختزل في مظاهرات ومسيرات يوم الجمعة, الثورة هو كل فعل يحتوى على العصيان والتمرد على الطغيان—كل أشكال الطغيان بما فيها الطغيان الكامن في البنية الاجتماعية—وهي ظاهرة اجتماعية قبل أن تكون سياسية وقد تفشت  بالفعل في جميع أنحاء مصر منذ يناير الماضي ولكنكم لا تهتمون إلا بما يحدث في محيط منازلكم. اذا حاول أحدكم أن يتغلب على هذه النزعة المركزية في التحليل وتأمل أحد اوجه الثورة المتمثلة, مثلا, فيما حدث عندما اعتصم بدو مطروح خارج مبنى المحطة النووية بالضبعة مطالبين بحقوقهم المسلوبة منذ عام 2003, ثم تمردوا في منتصف شهر يناير 2012 وطردوا قوات الجيش والشرطة المكلفة بحماية الموقع المخصص للمحطة النووية "واحتلوا" ارضهم المستولى عليها رسميا منذ 1981, ليجدوا ان عقداً كاملا  من الكلام الذي نحفظه في كتب القراءة المدرسية عن المشاريع النهضوية التي ستنقل مصر الى عصر الطاقة النووية (الذي أوشك أصلا على الاندثار) تمخض فقط عن ازالة الآلاف من اشجار الزيتون والتين والعنب وبناء شاليهات مصيفيه للعاملين بهيئة الطاقة الذرية مكانها. اتذكر اتصال تليفوني على أحد الفضائيات مع واحدا من بدو مطروح الذين اتُهموا بالتعدي على أراضي الدولة, وُجِه له سؤال عن مطالبهم فرد قائلا "لم يعد لنا مطالب بعد أن رأينا ما حدث لأرضنا وحقيقة المشروع القومي المزعوم. لقد استعدنا ارضنا ولن تؤخذ مننا مرة أخرى". هكذا قال—بمنتهى الصفاقة. نعم يا حضرة النائب الثائ-ولكن-بشروط هي صفاقة, نعم تعدوا على "رجل أمن أثناء أداء عمله", كما فعلوا يوم 28 يناير, فالفعل الثوري لا يعترف بالأطر القانونية التي فقدت معناها وشرعيتها. الثورة مطالبها تتعلق بالحقوق وليس باستبدال الأطر القانونية والسياسية القائمة بأطر أخرى "أكثر وجاهة".


عن الصراع الاجتماعي وثورة 1848 وعن اليأس الذي لايقهر

لا يفهم أصحاب هذه النزعة أحادية البعد في التحليل أن الثورة لا تبحث عن شرعية تستمدها من تأييد من أغلبية أو أقلية, ولا هي تبحث عن الحلول التوافقية ولا تقف لتراجع نفسها, هي "تحدث" فقط بلا مقدمات وبدون حساب للعواقب—وليس هذا تعاليا من الثورة ولكنه طبيعة الحالة الثورية. وتستمر الثورة ويظهر الصدع في المجتمع الذي ربما تآلف على شيء ما في لحظة مثالية ثم تفرق عندما تعارضت المصالح, والسياسيون من أمثال الشوبكي يتجاهلون في الكثير من الأحيان التباين الاجتماعي والاقتصادي الواسع الذي يخلق مصالح متضاربة داخل المجتمع نفسه وليس فقط بين المجتمع و النظام.

يدعي عمرو الشوبكي قلقه على أصحاب المحال وسكان منطقة عابدين ويتهم الثوار "بأسرِهم", وإذا تجاهلنا ما في هذا الاتهام من تحامل فادح على الضحية ومساواة حقيرة بين القتلة والمقتولين—اذا تجاهلنا هذا كله والتفتنا الى النقطة المتعلقة بالأثر الاقتصادي للثورة على الطبقة التي نجحت دون غيرها في انتزاع تعاطف الشوبكي, يدفعنا هذا للتساؤل: لماذا نميل الى تجاهل الطبقات التي هي اكثر فقرا من طبقة سكان وسط المدينة وأصحاب المحلات وسائقي التاكسي؟ فالأولى هي طبقة البورجوازيين الصغار,و الثانية هي خليط من الفئة الأقل حظا من بين طبقة العاملين بأجر, بالاضافة الى طبقة المسحوقين التي لا تملك أي شيء ولا صوت لها, تلك الطبقة التي لا تملك حتى ترف القلق على دخلها اليومي والتي لا تتأثر بالبروبجاندا ومحاولات التخويف الرسمية من تدهور الأوضاع الاقتصادية لأنها لا تشاهد التلفزيون أساسا—لا الرسمي ولا الخاص. هؤلاء يشكلون الأكثرية من المتمردين الذين يهاجمون وزارة الداخلية وأقسام الشرطة. فماذا عن هؤلاء الذي يدفعهم بؤس حياتهم لتلك الحلول القسرية يا دكتور عمرو—أليسوا أيضا من الشعب؟ أليسوا أسرى كذلك؟ وهل تعتبرهم من الثوار؟ أم انهم غير مستحقين لهذا اللقب بصفتهم غير منتمين لأيا من التنظيمات الشبابية ولا يجيدون الحديث بالمصطلحات السياسية؟ الثورة تبرز الانقسامات الاجتماعية التي كانت موجودة بالفعل ولكنها كانت في حالة احتواء مؤقت, وعندما تبرز تلك الانقسامات يصعب اعادة الوضع الى ما كان عليه فيما سبق بالحديث عن "الأيادي الواحدة" ومثالية الثورة المفقودة. ويزيد من حدة الانقسامات تمسك السلطة الحاكمة بمقاليد الحكم ومحاولة ابقاء الهيكل السلطوي الحاكم مع تبديل الوجوه والأفراد—تلك هي السلطة التي يدافع عنها الشوبكي بقصد أو بغير قصد, وهذا هو الانقسام الاجتماعي الذي لا يتطابق مع أفكاره الرومانسية عن الثورة المثالية, ولكنه أقرب في الحقيقة لما تكون الثورات عليه.

 يقول اليكسس دي توكفيل عن ثورة فبراير 1848 الفرنسية "انقسم المجتمع الى مجموعتين: من لا يملكون شيئا اتحدوا في سخطهم, ومن كانوا يملكون أي شيء اتحدوا في ذعرهم." وهذا هو تحديدا ما يحدث في مصر الان. فقد بدأت ثورة فبراير بمشاركة من فئات مختلفة من المجتمع الفرنسي, من الجمهوريين والملكيين وصغار البرجوازيون وأصحاب المصانع والعمال والفلاحين, وبعد هروب الملك وتعاقب الحكومات المؤقتة بدأت المصالح تتعارض, وانفصلت مسالك الطبقة الوسطى والطبقات الكادحة, فالطبقة الوسطى لم ترض باستمرار الصراع الاجتماعي ولا بمطالب العمال في الحق في العمل والتي دفع فاتورتها ملاك الأراضي والفلاحين—وعندما تجددت المظاهرات والاشتباكات في يونيو 1848 تحالف صغار البورجوازيين مع الجيش والحرس الوطني ضد استمرار الثورة وقتل من المتمردين (من الفئات الأكثر بؤسا في المجتمع) ما يقرب من 10,000 شخص.

ان الثورة كالفيضان الذي يأكل الاخضر واليابس, ولا تملك الدولة أن تطلب من الفيضان أن يحول من طاقة الهدم التي يمتلكها الى طاقة بناء! والفيضان لا يحدث من عدم ولا يحدث نتيجة أن النهر الذي يفيض عنده حالة فراغ ومش لاقي حاجة مفيدة يعملها بوقته, وإنما نتيجة لتراكم أسباب مناخية وجيولوجية وبيئية  معقدة لن تزول ولن تختفي لمجرد أن البعض يريدون زوالها. ولا تملك السلطة الا محاولة احتواء الفيضان, وهذا هو الفرق بين الفعل السياسي—أي فعل سياسي—والفعل الثوري. نادرا ما يتلاقيان في المصلحة, بل هما بالتعريف متضادان. ولا يملك اي شخص—من المنتمين الى الحركات السياسية المحسوبة على الثورة أو من الأشخاص المتعاطفين مع الثورة او أي واحد غلبان زي بيتكلم كتير عن الثورة—أن يحرك الثورة في اتجاه ما, او يعيد النظر في "تكتيكات" الثورة. لأن الثورة في الأساس هي الفعل العفوي الناتج عن اليأس, وهذا هو الفرق بين مطالب العمال بالحقوق الأساسية وعنف الطبقات المهمشة ضد رجال الشرطة و بين مطالب الفئات الأوفر حظا السياسية—الأول والثاني يحركهما اليأس والثالث يحركه الحلم, واليأس أكثر صلابة وصمودا من الحلم. واليائسون غير قابلين للسيطرة ولن يسمحوا لاحد بالسيطرة عليهم—فمن العبث ان تحاول ان تخلق لثورتهم ميثاق شرف او أن تملي شروطك عليها--الثورة لاقبل لها بمحاضراتكم فلا تحملوها ما لا طاقة لها به. 

السبت، 21 يناير 2012

عن معبر رفح المفتوح إعلاميا


من غرائب الشعب المصاب بداء ذاكرة السمك, انه عندما تم فتح معبر رفح إعلاميا في شهر مايو الماضي لكي يحقق المجلس العسكري مكاسب سياسية بدون تغيير يذكر على أرض الواقع, شعرنا بنشوة الانتصار, و بدت إسرائيل منكسرة إعلاميا, فزاد هذا من حالة النشوة المزيفة عند الشعب الذي اعتقد أننا نحقق نصرا تلو نصر على صعيد العلاقات الخارجية. في هذا الوقت قالوا أن المعبر سيفتح بشكل دائم, و كما أن السنة الواحدة في تقويم التجنيد العسكري المصري المتفرِّد 13 شهرا, نجد أن "بشكل دائم" في تقويم العسكر تعني فتح المعبر 8 ساعات يوميا للأشخاص فقط و لبس للبضائع و يستثنى من هذا الانفتاح الرجال من دون الأربعين و فوق سن ال18! ثم عرفنا فيما بعد أن القوائم السوداء التي تحتوي على أسماء نصف سكان غزة تقريبا لم تختفي و مازال معمولا بها على المعبر, و أن الإناث أيضا يعانون من نفس الصعوبات. و هكذا فقد حاز الفتح الإعلامي على تغطية واسعة جدا في أول أيامه, ثم عندما بدأت الأقاويل تتناثر عن الصعوبات المستمرة التي يواجهها سكان غزة في العبور, وأن التغيير الذي حدث هو تغيير كمي بسيط و ليس تغيير نوعي, لم تحصل هذه التطورات بطبيعة الحال على نفس القدر من التغطية الإعلامية.  بعد هذا يأتي صيفا ملتهبا مليء بالاضطرابات السيناوية و التي تستغل أيضا إعلاميا لتعظيم الإحساس بالخطر الفلسطيني المفتعل أو الخطر الخارجي, من جانب, و بخطر التطرف الديني المسلح من جانب آخر. و لتوظف لأغراض البروبجاندا العسكرية, فبدأنا نقرأ في الجرائد عن أن الجيش انتشر بسيناء و بدأ في تنفيذ العملية السرية "نسر" (في حد بالذمة بيعلن عن عملية سرية في الجرنان الرسمي قبل ما ينفذها؟؟) وأن القوات المسلحة نجحت في إدخال بعض المعدات الثقيلة و مروحيات الأباتشي إلى المنطقة ج  رغم انف إسرائيل و بنود اتفاقية السلام (مع إن كل ده بيحصل بتنسيق مع وبمباركة إسرائيل تماما فهي تفضل أن تظل سيناء منطقة أمنية محتلة إلى الأبد و تخشى اليوم الذي تتحول فيه سيناء لمنطقة مأهولة سكانيا و منتعشة اقتصاديا).

و تتحول سيناء إلى ثكنة عسكرية مرة أخرى, وتستمر سياسات العزل و التهميش لسكانها بل و تنتعش بحجة الخلل الأمني المتفاقم, و يشعر سكان سيناء أكثر من بقية المواطنين بحده الخازوق العسكري الي لبسناه بعد 11 فبراير, و يظل معبر رفح مغلق إلى يوم الدين أو حتى زوال سكان القطاع عن بكرة أبيهم—أيهما اقرب. لذا نصحو في أحد أيام يناير 2012 لنطالع خبر مثل هذا الخبر " مصر تفتح معبر رفح استثنائيا لعبور أطباء أتراك إلى غزة ",  فنجد أنفسنا مندهشين و يراودنا شعور بأن شيء ما ليس على ما يرام و لكننا لسنا متأكدين من ماهيته, فقد  نسينا, نحن المصابون بداء ذاكرة السمك, أن الحكومة المصرية خرجت علينا منذ أشهر ليست ببعيدة معلنة فتح معبر رفح "بشكل دائم", تماما كما نسى شعب مصر من قبل أن المعبر كان مفتوحا قبل 2007, و أن فتح المعبر هو الوضع الطبيعي و ليس الاستثنائي, فتحول جزء كبير منهم إلى أبواق للفكرة المفرطة في السذاجة عن أن غلق المعبر هو الوسيلة الوحيدة لمنع تفريغ فلسطين الأم من سكانها بعد أن يستوطنوا سيناء, وكان هذا من تداعيات الغيبوبة الجماعية التي صنعها شارون بعد أن نقل خط الصدع من غزة و إسرائيل إلى حدود غزة و سيناء.

يبقى الوضع كما هو عليه—أو أسوأ قليلا—حتى إشعارا آخر. بس و الله  لتنضفي يا بلد و لو بعد حين.

راجع: