الأحد، 9 سبتمبر 2012

باتمان النهضة..

ما زال طائر النهضة يحلق فوق سماء البلاد, يسهر عليها ليحميها من الخارجين عن الشرعية, ينتظر الفرصة للانقضاض (زي باتمان بالظبط) على اللصوص وقطاع الطرق والباعة الجائلين والسريحة وسكان العشوائيات والمحرومين من الخدمات العامة الذين يسرقون الكهرباء والمياة ويزحفون زحفهم الفوضوي على الجيتو العمراني الذي يسكن فيه المواطنين الحقيقيين.

طائر النهضة يعمل جاهدا لتنفيذ مشروع النهضة--لا أعني مشروع النهضة الاخواني وانما المشروع السياسي السائد في العالم كله. الطبقة الحاكمة في مصر تسير على خطى سابقتها: تريد أن تنهض بمصر (مصر الكيان التجريدي) . فكر النهضة له أولوياته, يريد لنا ان نصبح في مقدمة الدول من حيث معدلات التمو الاقتصادي والريادة الرياضية والقوة العسكرية. ومشروع النهضة السريعة أمامه الكثير من المعوقات--أهم هذه المعوقات سكان مصر الذين يطالبون بحقوق تستنفذ موارد الدولة. فاذا اعطينا الأولوية للتعليم وللسكن ولتوفير الرعاية الصحية للأغلبية المهمشة والتي لا تستطيع ان تساهم اسهاما سريعا في مشروع النهضة لن تقوم لنا نهضة.

عدد قليل من الناس يستطيع الاستفادة من مشروع النهضة, الفئة الحاصلة على قسط من التعليم وتتحدث أكثر من لغة وتملك القدرة على تطوير الذات والاستزادة من التعليم والتوظيف في مجالات الاتصالات والتطوير العقاري الخ الخ. أما الاغلبية فلا تجد سبيل للارتقاء بمستواها المعيشي الا عن طريق العمل غير الرسمي. نريد لهم أن يعملوا رجال أمن في القرية الذكية وفي المنشآت السياحية, ويريدون ان يتاجروا في بضاعتهم التي تلقى رواجا في وسط البلد فتزيد من دخلهم وتمنح لهم قدر من الحرية والتحكم في أسلوب حياتهم. ولكن هذا لا يتناسب مع مشروع النهضة..

لا نستطيع تمكين هذه الجحافل من البشر بالايقاع الذي يتناسب مع طموحاتهم. الطموح ترف لا يكلمه الجميع, على هؤلاء أن يرضوا بقليلهم أو أن يودعوا في البوكس--فنهضتنا تحتاج الى السوبرمان النيتشاوي (كما فهمه الفاشيون بقراءتهم الانتقائية), وتحتاج إليه حالا, المواطن غير المتعلم والمعاق والمصاب بالأنيميا لن يستطيع تلبية احتياجات النهضة بالسرعة المطلوبة.

يبقى ييجي يمين أو شمال شوية كدة عشان ورانا شغل..أنا شفت طائر النهضة دة فين قبل كدة يا ربي؟