الثلاثاء، 26 مارس 2013

في تعريف العنف وأنواعه المختلفة



عودة للنقاش بتاع العنف: في مشكلة رئيسية في تعريف العنف, بمنتهى الأمانة, ناس كتير عندها قصور في مفهومها للعنف, منشغلة فقط بأشكال معينة من العنف وعندها بلادة كاملة تجاه أشكال أخرى منتشرة وموجودة ومزعجة. بعض من هذا القصور يعود لارتباط تعريف العنف ذاته بالأطراف الي بتمارسه (تجريم الشخص وليس الفعل). دي مشكلة يبدو أنها ناتجة عن ارتباط فهمنا للعنف بما تم ارضاعه لنا في الكتب المدرسية والمسلسلات وما ترسخ في الوجدان الجمعي للمجتمعات الحديثة عن احتكار الدولة للعنف الشرعي, والذي يتعامل معه الكثير من الناس باعتباره أمر واقع لا يقبل النقد. يعني بدايةً بيكون في تسامح مطلق مع الدولة "كفكرة", بعدين بيحصل تراكم لممارسات عنيفة معينة من قبل الدولة والناس بتتعايش معاها بسبب توازنات القوة, فبقت مبلوعة ومسكوت عنها طالما أن من يمارسونها يرتدون زيا موحدا--بالرغم من أنها في بعض الأحيان تمثل أكثر أشكال العنف الموجودة في المجتمع لاإنسانية, ولكننا اصطلحنا على تسميتها "بانفاذ القوانين", ومهما كانت درجة فجاجتها بنعتبرها "إفراط في استخدام القوة".

لو بصينا على بعض من أشكال العنف المنتشرة--بدرجاتها المختلفة برضه--في مجتمعنا نظرة مجردة من الانحيازات هنلاقي:
- السحل والتعذيب واطلاق الرصاص على مواطن سايق عربيته من غير رخصة في رأسه عنف.
- ركوب المواصلات العامة في مصر عنف--عنف يومي بسيط ومتراكم.
- منع ناس معينة من الذهاب الي أماكن معينة هو عنف--توقيف الشرطة لناس شكلها يوحي بأنها لا تنتمي الي هذا الحي أو ذاك عنف, عنف غير قانوني. التهديد باستخدام العنف او معرفتك المسبقة بان عدم الانصياع قد يؤدي الي عنف, هو نوع من العنف--العنف المحتمل.
- التحرش عنف, خناقات طوابير العيش والبنزين عنف. الاعتداء الجنسي على المتظاهرات للسيطرة على المجال العام عنف.
- 73 واحد ماتوا في الاستاد عنف, 17 شخصا يموتون دهسا تحت مجنزرات الجيش عنف, و21 حكم بالاعدام--حتى قبل أن يتم تنفيذه--ضد أشخاص الكثير منهم لا يوجد دليل إدانة واحد حقيقي ضده, عنف, أو دعوة للعنف وهذا النوع من العنف اللاعقلاني لا يجد أمامه المواطن الا اللجوء للعنف المضاد--او للهستيريا--كما حدث خارج سجن بورسعيد. قتل حوالي 30 شخصا في حالة هستيريا خارج أسوار السجن هو درجة غير مسبوقة في لاعقلانية ووحشية العنف.
- انسداد القنوات الشرعية للتغيير من واقع المعيشة هو عنف, لأنه لا يترك سبيل إلا للعنف. الاعلان الدستوري كان عنيف جدا, عنف مكتوب في شكل قوانين, زي ما قوانين الفصل العنصري في جنوب إفريقيا بالظبط كانت عنف لم يمارس بعد: يخلق العنف المضاد ثم يمارس العنف باسم "حماية القانون".

النقطة التانية هو ان الوقوف عند واقعة ما ورصدها بصورة منفصلة عن ما سبقها من وقائع على أنها بداية العنف هو محض تدليس. العنف من الدولة بدأ من زمان, المشكلة في قدرة الشخص الي بينتقد الواد الي ظهر فجأة خارج وزارة الداخلية ماسك طوبة في ايده على العودة بعقارب ساعته الي أكثر من تلات ساعات أو تلات أيام الي الوراء! اقد يكون أن "من يحارب الوحوش" يتحول ببطء الى وحش --ده واقع بيحصل لنا.. العنف أصبح جزء من الواقع المجتمعي المصري للكثير من الأسباب--هو كان طوله عمره جزء مبدئيا, حتى لو ماكنتش بتشوفه في الأحياء السكنية النموذجية بتاعتك, لكن تغير علاقات القوة في المجتمع مع استمرار انسداد القنوات الشرعية وسع من نطاقه. ده واقع من حقك ترفضه, لكن لن يتغير بأنك تصحي كل يوم الصبح تقول "إلي أين يا مسر"...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق